الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.استيلاء بهاء الدولة على فارس. ولما قتل صمصام الدولة وملك ابنا بختيار بلاد فارس كتبا إلى أبي علي بن أستاذهرمز في الأهواز بأخذ الطاعة لهما من الديلم ومحاربة بهاء الدولة فخافهما أبو علي بما كان من قتله أخويهما وأغرى الديلم بطاعة بهاء الدولة وراسله واستحلفه لهم فحلف وضمن لهم غائلة الأتراك الذين معه وأغراهم بثأر أخيه من ابني بختيار فدخلوا في طاعته وجاءه وفد من أعيانهم فاستوثقوا منه وكتبوا إلى من كان بالسوس منهم بذلك وركب بهاء الدولة إلى نائب السوس فقاتلوه أولا ثم اجتمعوا عليه وساروا إلى الأهواز ثم إلى رامهرمز وأرجان وملكوا سائر بلاد خوزستان وسار أبو علي ابن إسمعيل إلى شيراز وقاتلهم وتسرب إليه أصحاب ابني بختيار فاستولى على شيراز سنة تسع وثمانين ولحق أبو نصر بن بختيار ببلاد الديلم وأبو القاسم ببدر بن حسنويه ثم بالبطيحة وكتب أبو علي إلى بهاء الدولة بالفتح فجاءه وترك شيراز وأحرق قرية الرودمان حيث قتل أخوه صمصام الدولة واستأصل أهلها وبعث عسكرا مع أبي الفتح إلى جعفر بن أستأذهرمز إلى كرمان فملكها ولما لحق أبو القاسم بن بختيار ببلاد الديلم كاتب من هنالك الديلم الذين بكرمان وفارس تسلمهم فأجابوه وسار إلى بلاد فارس واجتمع عليه كثير من الزط والديلم والأتراك ثم سار إلى كرمان وبها أبو جعفر بن أستاذهرمز فهزمه إلى السرجان ومضى ابن بختيار إلى جيرفت فملكها وأكثر كرمان وبعث بهاء الدولة الموفق بن علي بن إسمعيل في العساكر إلى جيرفت فاستأمن إليه من كان بها من أصحاب بختيار وملكها وتجرد في جماعة من شجعان أصحابه لاتباع ابن بختيار فلحقه بدارين وقاتله فغدر به بعض أصحابه فقتله وحمل رأسه إلى الموفق واستولى على بلاد كرمان وإسمعيل عليها وعاد إلى بهاء الدولة فتلقاه وعظمه واستعفى الموفق من الخدمة فلم يعفه ولج الموفق في ذلك فقبض عليه بهاء الدولة وكتب إلى وزيره سابور بالقبض على ذويه ثم قتله سنة أربع وتسعين واستعمل بهاء الدولة أبا محمد مكرما على عمان..الخبر عن وزراء بهاء الدولة. قد ذكرنا أن بهاء الدولة كان استوزر أبا نصر بن سابور بن أردشير ببغداد وقبض على وزيره أبي منصور بن صالحان قبل مسيره إلى خوزستان وأن أبا الحسين بن المعلم كان يدبر دولته وذلك منذ سنة ثمانين فاستولى ابن المعلم على الأمور وانصرفت إليه الوجوه فأساء السيرة وسعى في أبي نصر خواشاده وأبي عبد الله بن طاهر فقبضهما بهاء الدولة مرجعه من خوزستان وشغب الجند وطلبوا تسليمه إليهم ولاطفهم فلم يرجعوا فقبض عليه وسلمه إليهم فقتلوه وذلك سنة اثنتين وثمانين ثم قبض على وزيره أبي نصر بالأهواز سنة إحدى وثمانين واستوزر أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف ثم استوزر بعده أبا القاسم علي بن أحمد وقبض عليه سنة اثنتين وثمانين لاتهامه بمداخلة الجند في أمر ابن المعلم واستوزر أبا نصر بن سابور وأبا منصور بن صالحان جميعا وشغب الجند على أبي نصر ونهبوا داره سنة ثلاث وثمانين فاستعفى رفيقه ابن صالحان فاستوزر أبا القاسم علي بن أحمد ثم هرب وعاد أبو نصر إلى الوزارة بعد أن أصلح أمور الديلم فاستولى مكانه الفاضل وقبض عليه سنة ست وثمانين واستوزر أبا نصر سابور بن أردشير فبقي شهرين وفرق أموال بهاء الدولة في القواد ثم هرب إلى البطيحة فاستوزر بهاء الدولة مكانه عيسى بن ماسرخس..ولاية العراق. كان بهاء الدولة منذ استولى على فارس سنة تسع وثمانين أقام بها وولى على خورستان والعراق أبا جعفر الحجاج بن هرمز فنزل بغداد ولقيه عميد الدولة فساءت سيرته وفسدت أموال البلاد وعظمت الفتنة ببغداد بين الشيعة وأهل السنة وتطاول الدعار والعيارون فعزله بهاء الدولة سنة تسعين وولى مكانه أبا علي الحسن بن أستاذهرمز ولقيه عميد الجيوش فأحسن السيرة وحسم الفتنة وحمل إلى بهاء الدولة أموالا جليلة ثم ولى مكانه سنة إحدى وتسعين أبا نصر سابور وثار به الأتراك ببغداد فهرب منهم ووقعت الفتنة بين أهل الكرخ والأتراك وكان أهل السنة مع الأتراك ثم مشى الأعلام بينهم في الصلح فتهادنوا..انقراض دول وابتداء أخرى في النواحي. وفي سنة ثمانين ابتدأت دولة بني مروان بديار بكر بعد مقتل خالهم باد وقد مر ذكره وفي سنة اثنتين وثمانين انقرضت دولة بني حمدان بالموصل وابتدئت دولة بني المسيب من عقيب كما نذكرها وفي سنة أربع وثمانين انقرضت دولة بني سامان من خراسان وابتدئت دولة بني سبكتكين فيها وفي سنة تسع وثمانين انقرضت دولة بني سامان مما وراء النهر وانقسمت بنو سبكتكين وملك الخاقان ملك الترك وفي سنة ثمان وثمانين ابتدئت دولة بني حسنويه الأكراد بخراسان وفي سنة تسع وتسعين كان ابتداء دولة بني صالح بن مرداس من بني كلاب بحلب كما نستوفي سياقة أخبارهم في دولهم منفردة كما شرطناه.
|